Sunday, September 21, 2014

نص تحت مجهر النقد وشذرات عن مميزات القصة القصيرة جدا (صلاح الدين سر الختم على)


النص:
من مأمنهم.سجنوه مخافة فكره؛ نشره حراسه.
الكاتب /عبدالله الشويلان
بقعة ضوء:
نص الكاتب عبد الله الشويلان نص ساحر ونموذجى ويستدعى الوقوف عنده طويلا ومحاولة تشريحه واستنطاقه ومحاورته.
النص يعتمد على المفارقة بين سجن الشخص وسجن الفكرة، فالفكرة عصفور لايمكن السيطرة عليه، وهى حرة مثل الهواء لايمكن اعتقالها والحجر عليها، فالسلطة خافت من أفكار الرجل، فحبسته حتى لاينتشر فكره، لكن الفكر عبر القضبان عبر الحراس الذىن أُ ريد لهم أن يكونوا ادوات لقمع الفكرة وقتلها ، فباتوا ادوات للتنوير بالفكرة ونشرها، فهم بشر قابلين للعدوى( عدوى الفكر) وهم حامل ثقافى للأفكار وتلك طبيعة الإنسان منذ الأزل فهو الناقل الأول للأفكار. النص كذلك يعتمد المفارقة بين شعور السلطة بالأمان(من مأمنهم) في عتبة النص وهو شعور زائف بالأمان يغشى جميع الطغاة فهم يظنون ان موت المناضل وحبسه موت القضية وحبسها، ويقابل هذا الشعور الزائف بالأمان حدوث الذى تخشاه السلطة برغم اجراءاتها ففى الخاتمة(نشره حراسه) والضمير هنا يرجع الى الفكر الذى خشت السلطة انتشاره، فالسجن لم يمنعه من الإنتشار. فتدبير السلطة( حبس المفكر) أدى الى عكس مقصودها، فقد ارادت به( وأد الفكر) فحدث العكس( انتشر الفكر).
مميزات النص: تميز النص بمايلى: قلة الكلمات، وضوح الفكرة، التكثيف،وجود حكاية مكتملة الأركان حافلة بالدراماوصراع الارادات واضح جدا فيها، وجود بداية متقنة وواعدة وخاتمة متوهجة وصادمة، استخدام  الكاتب للتضاد والمتضادات لخلق حيوية في النص. النص قصة قصيرة جدا نموذجية.
 مميزات القصة القصيرة جدا


البداية المتقنة في القصة القصيرة جدا يجب ان تكون قوية مهما كانت هادئة فهى جسر مخادع ينتهى بهاوية وصرخة داوية عند النهاية، البداية في القصة القصيرة جدا مفخخة بطبيعتها وهى استهلال مخادع يأخذ القارئ من عالمه برفق واعدا إياه بالسكون ثم يلقي به في قلب العاصفة، البداية تمهيد للتشظى والإنفجار والتنوير الذى يبلغ قمته في الخاتمة الصادمة المتوهجة التى لاتعود  الأشياء بعدها هى الأشياء. والبداية جسر غير مكتمل، فلو اكتمل الجسر انعدمت المفاجأة والدهشة والصدمة،فالبداية تماثل جسراً بين جبلين تتوسطهما هاوية،يمضى فيه القارئ مطمئنا، وبغتة يجد نفسه يهوى نحو الأسفل، تحرره الحقيقة فيسمو بها وينجو بلا جسر ولاحبال. وبذلك يحل التنوير محل الجسر ومحل الأجنحة وأحزمة الأمان.وقلة الكلمات هى التى تجعل النهاية صادمة، فكلما ترهل النص قل وقع الصدمة على قارئه، بل قد ينصرف عنه الى شأن آخر وبالتالى ينتفى تأثير البداية المتقنة عليه، لذلك يجب ان تكتب القصة القصيرة جدا كجرعة تؤخذ برشفة واحدة ولا فواصل فيها أو فرصة لالتقاط الأنفاس، وقلة الكلمات هنا مسألة نسبية لاتقاس بصورة مطلقة، بل يحكمها النص وموضوعه ولغته وقوة التشويق فيه.والتشويق والحركة في النص يخلقهما عادة الإضمار واستخدام المتضادات للإيحاء بالمغزى الخفى.القصة القصيرة جدا هى فن قول كل شئ دون قول شئ، هى فن الإيجاز الناطق أكثر من كل الثرثارين.وهى نقيض الرواية التى تقول القليل عبر الكثير، ينفق كاتب الرواية وقتا أطول وجهدا أكبر للتعبير عن أفكار صغيرة وربما فكرة واحدة من خلال أحداث كبيرة وكثيرة، وعلى النقيض يقول القاص في القصة القصيرة جدا أفكارا كثيرة وكبيرة عبر مشهد وحيد وكلمات بخيلة.في الرواية قد تعلق بالذاكرة الشخوص والأحداث وتغيب الفكرة عن الأنظار ، في القصة القصيرة جدا، تتوهج الفكرة وتبلغ القارئ فور الفراغ من قراءة النص وتأخذه من عالمه المحدود الى فضاء الفكرة الفسيح فيسبح فيه متلاعبا بالنص كيفما شاء مستولدا إياه أفكارا أخرى جديدة، وهذه السمة التفاعلية للنص أعلى إيقاعا في القصة القصيرة جدا من الروايةبسبب طول الأخيرة وتوزع الفكرة فيها على كامل الرواية فذلك يشتت القارئ ويقلل من قدرته التفاعلية مقارنة بالقصة القصيرة جدا.

No comments:

Post a Comment